ما ثمن الحرية؟ وهل علينا أن ندفع ثمن الحرية المسلوبة؟
في وسط عالم يتخبط بالجنون، يعترف العاشق بحبه ويتغنى بالثورة ويظن أنه وقت مناسب للاحتفال، ولكننا في زمان الأوقات فيه لم تعد مناسبة لأي شيء، يُطارد لأنه خلط بين حبه والثورة، فيهرب خارج البلاد ليوسم باللاجئ!
هذا الرجل مليء بالعشق، حتى وهو مطارد ومفلس ولا يجد لقمة تسد جوعه، يفكر في الحبيبة التي ستتزوج طمعاً في الهرب من بلاد تنهشها الحرب من كل اتجاه..
بطل هذا الفيلم يشبهنا جميعاً، قويين، لامنقاديين، ومبتسمين، وفي محاجرنا دموع متوارثة منذ القدم، ولا نعرف غير الحب، وتبلعنا الحدود كلما اقتربنا، يُقابل فناناً يعرض عليه صفقة مجنونة..
صفقة بيع بين اللاجئ والفنان،
والبضاعة هي ظهر اللاجئ!
وليس أمام اللاجئ سوى الموافقة لأنه يعلم أن معنى العيش هو دفع الثمن مسبقاً..
يرسم الفنان -تأشيرة شينيغن- على ظهر اللاجئ، وحين يسألونه عن سبب اختياره لهذه الرسمة دون غيرها، يفجر قنبلة في وجهنا: لأن حركة البضائع أسهل من حركة اللاجئين ولأن العالم يتبادل السلع وتصل لأي مكان في العالم، فهو هكذا أعطى تأشيرة أبدية لهذا اللاجئ الذي سيُعامل معاملة اللوحة الفنية في تنقلاتها حول العالم.
لو تسألون أن أنفسكم من أحق أن تُفجر قنبلة السؤال في وجهه: العالم السخيف، ولكن خجلنا العارم الدائم يأخذ جولته على قلوبنا.
أنا أكره هذا العالم لأنه مُزيف، ولأنه يُصدق زيفه..
حياته تصبح انتقالية من معرض إلى آخر ومن دولة إلى أخرى ، لا يختلف عن اللوحات التي على الحائط كثيراً، إلا أنه يُسلي وقته بالموسيقى، أما اللوحات فتضجر من وجوه الأشخاص المتظاهرين بالرقي..
تمضي الحياة ونمضي معه متسائلين هل فعلته سوية؟ أم العالم أصبح غير سوياً وندور فيه نبحث عن جديتنا من هزلنا؟
هو متمسك بكرامته، بحبه، بابتسامته على وجهه، بصبره، بكذبه.. ومتململ من الذي يحدث له، ولكنه باع ظهره وهذا ما حدث!
إنه وقت المزاد:
الفن أم الإنسان؟ في حضور بهائم التي تدعي الرقي، تبيع وتشتري في إنسان لم يسأل أحد عن حاله ومن أين جاء؟
إنه الفن الماكر..
ولكن اللاجئ ينتفض من الجدار الذي صُمد به، ويتقدم الحظيرة المليئة بالجمهور متظاهراً بسبحب فتيل قنبلة، ولكنها سماعته، والحظيرة تبرز حقيقتها حين يتخبطون في بعضهم هاربين من لاجئ محتمل..
هو هكذا يدرك معنى الحرية، يُفضل السجن، ولكن الله يحبه مثلما يحبنا جميعاً ,,
يحيرني الفن الذي يضع وجه الإنسان بالحائط..
إرسال تعليق