مساء الخير المخبأ في طاسات قدر ستُسكب على قلوبنا ذات يوم لتُطفئ النار التي أشعلها الزمن ولم يُسارع الأهل لإطفائها ..
جئت أكتب بكل عفوية هنا، لأن ذاكرتي البشرية قاربت على الامتلاء وأنا في عمر الثامنة والعشرين، فلنصنع ذاكرة الكترونية تحمل معنا عبأ الأيام التي لا نطيق أنها تمضي ..
لماذا أتحدث بصوت الجماعة وأنا وحدي أمام شاشة الحاسوب، وبجانبي غادة السمان تتحداني بحضور شبحها بين دفتي الكتاب الذي صنعت له عنواناً يليق بزماننا هذا "الحبيب الافتراضي"
سأقر بأمر تعرفه صديقة قديمة:
إذا استبدلت "أنا" بـ "نحن" فأنني أريد التحدث بطلاقة دون قيود على شيماء أو تكهن معرفة ما يدور بدماغي، يخطر على بالي قول - بول أوستر -
"يمكننا معرفة الشخص بالمقدار الذي يريد لنا ذلك"
لذا دعوا التكهنات جانباً..
منذ مددت يدي على الكتاب لأختاره، تذكرت جلساتنا على الميناء وحديثك حول غادة السمان كأنها تميمة ستكملين الحياة بها، لم أكن أعرفها كثيراً -أقصد غادة- ولكني أحببت طريقة شغفك بها، وكيف أنها تُغذيك بالشعر، ونقلت عدوى عشق لبنان لك، أنت الآن كصخرة على الشاطئ، قوية، وجارحة، لن يُعاندك الزمن.. ولكن ماذا عن غادة الآن؟
لماذا يهمني الآن؟
لا أريد أن تعرفوا، غادة والصديقة يعرفان الإجابة جيداً..
أخذت الكتاب وجلست على سريري، اقرأ بصوت عالٍ، هذه أول مرة اقرأ بهذه الطريقة، وهي طريقة مذهلة لتشعر بالكلمات التي حتماً ستخدعك عيناك اذا اكتفيت بالمرور عليها فقط..
شعرت بصوتك يقرأ النصوص، وبكل أحبة غادة الذين يتسلقون النصوص مرددين "من تقصدين؟"
اقتبست نصاً من الكتاب يُمثل جرحي وكررته على مسامعي، كررته حتى أذبت الجرح وأغلقته، كما السحر الذي تجيد غادة صنعه..
اكتشفت أنني جريئة وحادة بكتاباتي مثل غادة، هل هذه إحدى أسباب محبتك "لنصوصي" ؟
لا أستطيع الحديث عن غادة إلا واقترنت بها..!
ومع ذلك سأحاول لأن أصفي تقييمي للكتاب من مشاعري تجاهك..
كتبت غادة السمان في هذا الكتاب اهداء يعيش للزمن، لا تغلبه عاطفة مطلقاً وإن اعتذرت للغابات حول العالم، لقد كانت تسخر منذ البداية..
يتضح من نثرها البهلاوني، سيرة من حياتها وفضيحة لعشاق كُثر، عرب وغربان، مقاوم وشاعر، فنان ومتسول، لا يمكن أن يتجرأ أحد على مشاعره مثلما فعلت غادة السمان، فعلتها بغباء حاد ولكنها لا تعرف طريق الندم إلا لو سبقها الآن قبل الموت الذي تغيظه بلسان سليط..
لا يمكن أن نجد كاتبة مثل غادة تسبب لنا الصداع ولكننا لا نُقاوم القراءة لها، فهي شاهدة حقيقة على تاريخ عربي مقزز..
أعجبني النصف الأول من الكتاب، أما عن النصف الآخر فسبب لي صداع وغيرَ بوصلة قلبي، أغلقته وسمعت صوتك يصرخ:
غادة تبحث عن قارئ تقتله وتحييه..
ولا أعلم في أي البلاد أنت..
إرسال تعليق